سورة الفرقان - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


قوله جلّ ذكره: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُوا هَذَا القُرْءَانَ مَهْجُوراً}.
شكا إلى الله منهم، وتلك سنَّةُ المرسلين؛ أخبر الله عن يعقوب- عليه السلام- أنه قال: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] فَمنْ شكا من الله فهو جاحد، ومنْ شكا إلىلله فهو عارف واجد.
ثم إنه أخبر أنه لم يُخْلِ نبياً من أنبيائه صلوات الله عليهم إلا سلَّطَ عليه عَدُّواً في وقته، إلا أنَّه لم يغادِرْ من أعدائِهم أحداً، وأذاقهم وبالَ ما استوجبوه على كفرهم وغَيَّهم قوله جلّ ذكره: {وَكَفَى بِرَبِكَ هَادِياً وَنَصِيراً}.
كفى بربك اليوم هادياً إلى معرفته، وغداً نصيراً على رؤيته.
ويقال آخر فتنة للمؤمنين ما ورد في الخبر: «أن كل أمة ترى في القيامة الصنم الذي عبدوه يتبعونه فيحشرون إلى النار، فيُلْقَوْن فيها ويبقى المؤمنون، فيقال لهم: ما وقفكم؟ فيقولون: إنهم رأوا معبودهم فتبعوه ونحن لم نرَ معبودنا! فيقال لهم: ولو رأيتموه... فهل تعرفونه؟ فيقولون: نعم. فيقال لهم: بِمَ تعرفونه؟ فيقولون: بيننا وبينه علامة. فيريهم شيئاً في صورة شخص فيقول لهم: أنا معبودكم. فيقولون: معاذ الله.... نعوذ بالله منك! ما عبدناك. فيتجلَّى الحقُّ لهم فَيَسجدون له».


أي إنما أنزلناه متفرقاً لِيسُهل عليك حِفْظُه؛ فإنه كان أمياً لا يقرا الكتب، ولأنه لو كان دفعة واحدة لم يتكرر نزول جبريل عليه السلام بالرسالة إليه في كل وقت وكل حين... وكثرةُ نزوله كانت أوجبَ لسكون قلبه وكمال رَوْحه ودوام أُنْسه، فجبريل كان يأتي في كل وقت بما كان يقتضيه ذلك الوقتُ من الكوائن والأمور الحادثة، وذلك أبلغُ في كونه معجزةً، وأَبعدُ عن التهمة من أن يكون من جهة غيره، أو أن يكون بالاستعانة بمن سواه حاصلاً.


كان الجوابُ لما يوردونه على جهة الاحتجاج لهم مفحماً، ولفساد ما يقولونه موضحاً، ولكن الحقَّ- سبحانه- أجرى السُّنّة بأنه لم يزد ذلك للمسلمين إلا شَفَاءً وبصيرةً ولهم إلا عَمَىً وشبهة.
ثم أخبر عن حالهم من مآلهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10